"من مذكرات أستاذ جامعي"
"علم الكلام وأثره بين الأنام"
قد يعيش الإنسان بفكره فقط أو قد يعيش متأثراً بأفكار أو بفكرة جاءت إليه من خارج عقله، وسيطرت عليه وظلت تلازمه وليس ذلك هو العيب، ولكن العيب أن بعض هذه الأفكار قد تباعد بين الناس وتنفرهم من بعضهم البعض، وكذلك العيب أن يبخل بعضنا على بعض بحلو الكلام علماً بأن أخر أنبياء دين الإسلام ﷺ قد علمنا بأن "الكلمة الطيبة صدقة"، كما أن "تبسمك في وجه أخيك صدقة "، كما أنه مطلوب منك أن تقول "خيراً أو أن تصمت"، إذن هي عبادات مجانية لا تكلفك مال ولا مجهود بل تعبر عن حسن خلق وحسن تربية وتعبير، وفي الأدبيات العربية "إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب"، فلا البعض يريد أن يتاجر في الذهب ولا حتى في الفضه، وقد كتبت كثيراً لماذا لا نتبادل معاً الكلام بود حقيقي كما أمرتنا ملل دين التوحيد، وملة دين الإسلام الخاتمة الذي أتشرف بإعتناقِها وأرجو أن أقابل ربي بفهمٍ صحيح لهذه الملة العظيمة، تعلمت منها أن الله أنزل على خاتم الرسل والأنبياء ﷺ كتاباً هو هدى للناس، حيث في سورة البقرة كلام قد يغفل البعض عن صحيح فهمه، "الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين" (سورة البقرة 2،1)، وفي نفس السورة وبعد هاتان الأيتان قول الله سبحانه وتعالى (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنون" (سورة البقرة 4)، أي أن إيماني لن يكتمل إلا إذا أمنت بما أُنزل على محمد ﷺ وكذلك بما أنزل قبله من كتب وأنبياء، فإذا كان القرآن "هدى ونور" فكذلك الكتب السابقة من توراة وإنجيل هدى ونور بنص كتابي المجيد، "وَقَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ (هُدًى وَنُورٌ) وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ (وَهُدًى) وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ" المائدة (46)، وطُلب من رسول الله ﷺ أن يحكم أهل ملل الدين السابقة في أمورهم بما أُنزل عليهم "وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ ۚوَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ المائدة (47)، وأنزل الحق لنبيه ﷺ قوله "وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ ۚ وَمَا أُولَٰئِكَ بِالْمُؤْمِنِين"َ المائدة (43)، المقصود أننا لا نقدم لكم درساً في الدين الذي يعرفه كل من على الملة الخاتمة للإسلام وكل من على غير الملة الخاتمة، ولكننا نتكلم في موضوع خاص بالكلام وقيمة الكلمة وتأثير الكلمة في النفوس، نريد أن نتعلم كيف نتكلم مع بعضنا البعض، وكيف نقترب من قلوب بعضنا البعض بصدق وود حقيقي، إشتركنا أم إختلفنا في ملة الدين، لان الدين هي علاقة بين العبد وبين ربه يعبده كما يشاء، حتى يأتي إلى الله فيكون الحساب ثواباً أم عقاب، أما بين الناس فالعلاقات إنسانية يجب أن تظل في مساحة الود الحقيقي الذي يجمع الإنسانية للعمل وللتقدم معاً في حياة هي مراد الله للخلق للعيش فيها، فأنا من أتباع سيدنا محمد ﷺ على الملة الخاتمة للإسلام وعرفني ديني أنني عبدٌ لرب خلق كل الخلق وكما أنزل لي ملة دين ونبي وكتاب، فقد أنزل للسابقين كذلك، ويجب أن أتيقن بأن كله من عند الله سبحانه وتعالى فهو نور وهدى للخلق، ومن الأدب أن أعقب بعد ذكر أي نبي من آدم حتى محمد ﷺ بقولي عليه السلام، فإذا كان الدين والأخلاق تدعونني لهذا فهنا لن ينظر بعضنا لبعض بغير مراد ملل الدين، ولن نقول لبعضنا البعض أقوال ترفضها كل ملل الدين، هذا هو كل مراد ما سجلته اليوم، فتعالوا نتعايش معاً بصدق ومحبه كما تدعو ملل الدين المختلفه لهذا، فتعالوا نتبادل معاً الكلام الطيب الذي يعكس في كل منا ملة الدين العظيم التي يعتنقها، "في كل كتاباتي أقول ملل الدين هي الدين عند الله وهي الوحدانية، لأن الدين عند الله من آدم إلى آخر الزمان هو (التوحيد) الذي سماه سيدنا إبراهيم أبو إسماعيل الذي جاء بعد 36 جيل منه سيدنا محمد ﷺ، وسيدنا إبراهيم هو أبو إسحاق ومنه يعقوب وموسى وعيسى عليهم السلام، سمىَ التوحيد بـ "الإسلام"، وتختلف الملل بإختلاف الزمان ، ولا يختلف (التوحيد) وهو الدين الواحد عند الله الديان، فهذا مسلم على ملة موسى عليه السلام لأنه عاش في عصر بعثة موسى، وهذا مسلم على ملة عيسى عليه السلام لأنه عاش في عصر عيسى وهذا مسلم على دين الخاتم ﷺ فلا نبي ولا رسول بعده ،
ويحترم بل ويؤمن صاحب كل ملة من ملل الدين الواحد إذا كان فهمه صحيح لملته، فلا ينكر كل الملل الأخرى، كانت سابقة عن ملته أو لاحقة لملته، وكذلك الكُتب التي أُنزلت من قبله ومن بعده والرسل جميعاً فهم مبعثون من الإله الواحد للخلق في كل زمان ومكان هذا في الحياة الدنيا وبذلك تستوي الحياة والعلاقات بين الاحياء بعضهم مع بعض، أما في الآخرة فيبقى للإنسان فضيلة الاختيار لأنه كُرم من بين المخلوقات بحرية العقل، وباختياره وإعتقاده يقابل الحق يوم الحق ويوم الحساب والجزاء فيكون جزاء إختياره".
♠ ♠ ♠ ا.د/ محمد موسى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق