آخر الكلام ...
"حقيقة وجود الإنسان في ملك الرحمن"
عندما تتعمق في هذه الحياة خاصة عندما تصل إلى النضوج، سوف يصل عقل الإنسان إلى حقيقة واضحة لكل من له عينان، وقد يغفل عنها البعض إما متجاهلاً لها أو جاهلاً بها، هذه الحقيقة هي أننا جميعاً ضيوف في ملك ليس ملكنا ولم تصنعه أيدينا، وأن هذه الحياة لم نعدها نحن، بل أن هذا الملك هو ملك الله سبحانه وتعالى، وأن هذه الحياة قد صنعها وخلقها وأوجدها الله سبحانه وتعالى وحده فقط بلا شريك ولا معين، ومن العجب العجاب أن يظن البعض أن الملك ملكه هو، ويتصرف في هذه الحياة وكأنها خُلقت له هو وحده، ولم تخلق ليعيش فيها بعض الوقت هو وغيره، فيظلم الأخرين ظناً منه أن ظلمه هو العدل، وينسى أنه يعيش في ملك غيره وصاحب هذا الملك العدل عنده غير عدله، ولكنه لم يحترم لا الحياة ولا حقيقة العدل فيها فمثله مثل غيره، فينتهي به الأمر إلى أنه سوف يصبح من المفسدين، ومن هنا حدث الصراع بين من فهموا لماذا جاءوا إلى الحياة فعمروها، ولم يأتوا للدنيا ليخربوها، وهؤلاء المخربون يعيشون حياتهم وهم مفسدون في هذه الحياة، وقد يصبح لهؤلاء المفسدين في أرض الله أعوان ومن يزينون لهم هذا الظلم وهذا الفساد، لذلك فالطالمون يستمروا في ظلمهم وفي فسادهم، ثم يأتي في النهاية قدر الله صاحب هذا الملك، فيسكت الجميع ظالمين ومعاونيهم ويأخذ الله منهم حقوق العباد، وفي دنيا الله وضع الله في ملكه حكمته وقدرته وعدله، فإذا وجد صراع بين جبهتين، وطال هذا الصراع أو قصر أمده، فتأكد أن عدل الله في هذا الصراع ستكون نهايته هي أرادة الله، لأن الصراع دائماً هو بين حق وبين باطل طال أمده أو قصر، هنا سيتحقق عدل الله بقدر الله الذي قدره "وقل جاء الحق وزهقَ الباطل إن الباطل كان زهوقا" الإسراء 81 ، لذلك لا صراع أبداً بين حقان، ولا صراع أبداً بين باطلان، فالحق واحد ولا يتصارع، وكذلك الباطل باطل، وكلاهما مشتركان في الهدف فلا يتصارعان، وصاحب هذا الملك قدر ودبر أن تكون الحياة يدوم فيها
الخير، حتى ولو رأيت الشر قد يتعملق بعض الوقت، فتأكد أنه زائل لا محالة، لأن الشر ضد الحياة والحياة هي هبة الله لخلقه، والخلق الذين يعيشون ويحسنون في حياة بقدر مؤقت يقدر بأعمار الخلق، فينعموا بعدها بحياة باقية، "وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهيَ الحيوان لو كانوا يعلمون" العنكبوت 64 ، "يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولايغرنكم بالله الغرور" فاطر 5، وهكذا فقد أفلح من أدرك هذه الحقيقة، وعمل في ملك الرحمن ما يرضي الرحمن.
ا.د/ محمد موسى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق