السبت، 30 مارس 2024

الفصل الثاني ....بقلم الأديب د.بحة الناي أحمد مصطفى الأطرش

 ***** الفصل الثاني *****

تمدد نديم على رمال الشاطىء وهو يعب من دخان سيجارته بنهم وشوق ، عيناه الصغيرتان العسليتان تتراقصان فرحا ، وسحب الدخان تتزاحم على فمه الصغير، وشفتاه الرقيقتان تتراقص بلحن أغنية ، بهمس دافىء ، يتسلل إلى جسده الرقيق ، لم يكن بدينا ولا نحيلا ، مربوع القامة  .

بدأ يعبث بلحيته وتتوقف أنامله كثيرا على غمازة بأسفل ذقنه ، وهو يطارد سحب دخان لفافته ، محلقا مع خيوطها ، وتزاحم صور شتى .

امرأة في الربيع الرابع من عمرها ، مربوعة ، ذات عينين بنيتين تضجان بالحياة ، وبطن مكورة تحمل بداخله جنينها ، تمشي بتمهل ، وحذر ، تقاوم وخزات من الألم المتقطع ، وعلى رأسها ، تحمل طعاما للحصادين الذي يعملون في حقل زوجها .

اشتد الألم وازداد ، وكانت قد وصلت لكرم زيتون لهم ، دخلت وهي تعض على شفتيها الرقيقتين المتشقتين من الشمس ، ابتعدت عن الطريق وجلست تحت شجرة زيتونة ووضعت ما تحمله جانبا ، وازداد الألم ،

- ربي يستر ، يا خوفي يكون المخاض وأنا في هذه البرية ، كانت تكتم صيحاتها بالعض على طرف طرحتها البيضاء التي كانت تغطي بها شعرها الأشقر .

شعرت بدفء ماء لزج يسيل بين فخذيها ، تحسسته بيدها وصرخت بصوت مكتوم :

- انها الولادة - يارب أعني – يبدو أن عمل هذا اليوم الشاق ومسيري الطويل هذا قد عجلا بولادتي .

وازداد الألم وازداد الخوف في قلبها

- يارب استر إنها فضيحة أن ألد في البراري .

وفلتت منها صرخة مدوية عالية ممزوجة بألم عميق ، ورجاء ، وخوف أن يسمعها غريب . وعلا صوت بكاء الوليد

في تلك اللحظة كان زوجها قريبا منها في طريقه للقرية ليعلم سبب تأخر الطعام عن الحصادين فسمع الصرخة المنبعثة من عائشة فتوقف ثم اتجه نحو مصدر الصوت وهو ينادي :

- من هناك ، من التي تصرخ ؟؟

عرفت عائشة صوت زوجها وبصوت مخنوق هتفت :

- أبا أحمد هذه أنا عائشة ، أدركني .

وصل إليها زوجها ، نظر إليها وعقدت لسانه الدهشة ، دم ينسال من زوجته ، وهي مددة تحت الزيتونة ، استفاق على صوت زوجته :

- أبو أحمد لقد ولدت ، هنا ، أقسم بالله لم اشأ ، لكن ليس باليد حيلة .

تلفت أبو أحمد يمنة ويسرة ، واطمأن عدم وجود أحد فقال لزوجته :

- اصبري سأحضر العربة وأنقلك للبيت خذي هذه المنديل ولفي المولود ، هل هو صبي أم بنت ؟

-  إنه صبي يا أبو أحمد

- إقترب أكثر من زوجته ونظر باتجاه الوليد عرفت ما يرومه فكشفت عن وليدها لينظر إليه .

كتم ضحكة تباهي وفخر وحمل الماء والطعام ، واستدار عائدا بينما زوجته أخذت تلف وليدها والسعادة ترفرف في قلبها

@الجميع



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الجزء الثاني من تأملات ...بقلم الكاتب سمير حموده

 الجزء الثانى من ...~~~( تأملات وجدانيه ) ~~~ الاعماق هى بئر الحقيقه.. والاسطح مجرد ومضات بريقه لكنها... لاتشى بشئ مهم .. وحساباتها دوما ليس...