الخميس، 27 فبراير 2025

حبك ما غاب ...بقلم الشاعر محمد حميدي


 حبُّكِ ما غاب ثانية

------------------------

مَفاصِلُ البابِ تئِنُّ فالرِّيحُ تَهُبُّ عاتيَة

قلبي مشغولٌ فمَن أهوى باتتْ حافيَة


الرِّيحُ كشَّرتْ عن نيوبِها وعيونُها برَقَتْ

تَتَرَبصُ بالمُشَرَّدِ فجُلُّ الحاراتِ خَاويَة


وتَرى الأشجارَ تَرَنَّحَتْ كأنَّها قد سَكِرِتْ

الريحُ تَنهَشُها فغَدتْ مِن الأوراقِ عاريَة


وصورةُ وجهِكِ قد تراءَتْ بِمرآةِ ذاكِرَتِي

شاحبةَ القسماتِ تئِنُّ مِن حُزنِها مُتهاوِيَة


ماهذا الوجْهُ الَّذي ياشهباءُ كنتُ أعرِفُهُ

ما هذه الوجنَاتُ التي كَم كانتْ زاهيَة


كم شَغَلتِ بوجهكِ زمناً يامليحةُ متعبداً

قد شمَّر للصلاةِ وثيابُه مِن زُهدِهِ باليَة


أوشَكَ أنْ يَهِمَّ راجعاً لولا برهانُ ربِّه بَدا

وكادَ مِن فرطِ الغرامِ بكِ أن يزلَّ للهاويَة


لا تَسَلْ ياصاحِ عن ربيعٍ بِه الدُّنيا حَلَت

قد أوْحَلَتْ مذ سلَّ الظالمون حِرابا نابيَة


كان شتاؤكِ دافئاً فَوَهْجُ الحبِّ دِفءٌ لهُ

قد باتَتْ لياليكِ بكل أسىً ماطِرةً شاتيَة


وأيامُ صيفِكِ باتَتْ لهيبَ بُغضٍ مُؤَجَجٍ

أوقَدَه الحاقِدُون ذووا القلوبِ الغاشيَة


ما بالُ شَهبايَ وألفُ ذِئبٍ قد كَشَّرَ أنيابَهُ

يَعْوِي فَتَرقُصَ بعِوائهِ ألفُ ألفِ غانيَة


الكُلُّ يَمضي إلى غايةٍ قد نَسَجَ خيوطَها

وخيوطُ شهبايَ لَم تكن يوماً إلا حانية


أمُّ النسيج كمِ الأقمشةُ فيها قد نُسِجَتْ

بسواعِدِ الرِّجالِ فهِمَّتُها بالإبداعِ عاليَة


أمُّ النغماتِ كمِ الآدابُ فيها قد رقَصَتْ

على قُدِودٍ بالجمالِ زَهَتْ رصينةً سَاميَة


أمُّ المَدائنِ كم الحِكَاياتُ فيها قد كُتِبَتْ

كيفَ أحكي ما يُخالِجُني وهي الحَاكِيَة


ذكرتُك في غُربَتي وأسَى الليلِ يُسامُرُنِي

وحِيداً أُناجي طيفَكِ وعيونُ قلبي باكيَة


قََصَصٌ لها في القلبِ غُصَصٌ قد حُفِرَتْ

فالجِراحُ مازالتْ مِن فِراقِكِ تَئِنُّ دامِيَة


بابُ قلبي على (بابِ الحديدِ) قد فَتَحتُهُ

لِأرى قلعةَ شهبايَ وأرى جَبهَتَها العاليَة


فبابُ قلبي مثلُه رَحبُ الفضا نديٌّ واسعٌ

وكلُّ المُحِبِّين تَلِجُ عَتَباتِ حُبِّهِ الرَّاقيَة


وأبوابُ شَراييني بأبوابِ شهبايَ وصلتُها

كُلَّمَا فُتِحَ بابٌ بانَ غَرامِي بِها بكُلِّ زاويَة

 

هنا حكاياتُ عشقٍ وهنا صَدَى ضِحْكَاتٍ

وهناك أحاديثُ سُمَّارِ يَنْعُ قُطُوفِها دَانيَة


وهنا رائحةُ زَعْتَرٍ بالتَّاريخِ مُزِجَ مَذاقُهُ

وهذا شذا الغَار يَعْبَقُ كالمِسْكِ بالخابيَة


مَن مَرَّ بِشهبايَ ولو مَرَّةً ذَاقَ فيها الهَوى

فهَواها لِلعليلِ الشِّفاءُ و هُوَ سِرُّ العافيَة


راياتُ عِزِّها كانت فَوقَ الروابي خفَّاقةً

فهَلْ لها مِن فَواقٍ يُعيدُ آفاقَها السَّاميَة


سلِ التاريخَ وكُلَّ الذي مَرَّ في صَفَحاتِهِ

كم رقَى مُذْ كانتِ الشَّهباءُ لِرايتهِ سَاريَة


مناهلُ العلومِ و الآدابِ فيَّاضةٌ بأرضِهَا

لِلعَالِمِ وللأديبِ وللزَّاهدِ ألفُ ألفِ سَاقيَة


لَو أنَّ حجارَتَها نَطَقتْ لَتَنادَتْ فِيما بَينَها

عِزُّنا فيكِ ياعزيزةُ حتى بالأيَّامِ القاسِيَة


يا بريقَ عيني إنْ خَبَا النُّورُ مِنها لَو بُرْهَةً

أنتِ دَمعَةُ ألَمِي على أهلكِ بِعينِيَ الثانيَة


تَتَبَّعتُ وَجهَكِ في مِرآةِ

ذاكِرَتي مُتَشوِّقاً

وقبَّلْتُ خدَّيكِ بِحروفٍ رَقَتْ بها القافيَة


ففاض بِدواتي عِشْقٌ ضاقَتْ به غُرفَتي

فَحُبُّكِ السَّاكنُ قلبي ما غابَ مِنهُ لِثانيَة


محمد حميدي


1-7-2022

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جراحها ...بقلم الشاعر عدنان درهم

 جراحها  عميقة نازفة   تقاسي الأوجاع و الآلام  تضمد جروحها وحيدة صامدة شامخة مدرسة كرامة و عزة  قبلة للأحرار و الحرية  و أمة تقف هنالك   متخ...