حوار الجوازين ...
أنا الأخضر المسجون في أصفادهم
أشكو الطّوابير الطّوال معطّلا
كلّ الحدود تقيم سدّا مانعا
وتعيد صاحبي غريبا مثقلا
وأنا الأحمر المبسوط كالبساط إذا
هويت في الجوّ ارتفعت محلّقا
لا حاجز يسأل ولا عين تراقب
أمشي فتتبعني البلاد مجلجلا
لو كان لوني مثل لونك ماسئلت
وما رأيت الطّرق تغلق مقفلا
لكنّني أحمل وجه هويّة
قد ضيّع التّاريخ فيها المنزلا
لا تلعن الأقدار إنّك أمّة
نامت فلم تبن المجادّ مكمّلا
إنّي جواز السّلطة العظمى التي
صنعت بقوّتها الحدود محوّلا
هل كنت تحلّق لو أنّ أرضك مثل أرضي
بحرها يغرق وجوّها مثقّلا ؟
كلّ الحكومات التي ولدتني
باعتني في السّوق حتّى أذللا
وأنا ولدت على يد ملكيّة
جعلت مصيري في البلاد موصّلا
ما أنصف الدّنيا ولكنّها قدر
يعلو من اغتنم القوى وتسيّدا
كم صاحب لي عاد مكسور الرّجى
يبكي بمطار غرّبات أرملا ؟
كم عين أمّ ساهرات حائرة
تنتظر ولدا وقد ضاع سدى ؟
أمّا أنا فالعالم الفتوح قد
سجد الطّريق إليّ حتّى أقبلا
إن رمت بحرا غاص نحو شراعي
أو رمت أرضا قد أتتني مقبلا
يا ويح من ولدوا بأرض عاجزة
وتشرّدوا بين البلاد تذلّلا
لو أنّ عدلا قام في دنيانا
ما كان لون الورق يحكم مسجّلا
عدل هذي كلمة في كتبكم
أمّا الحقيقة فالسّيوف وما علا
إن لم تكن قويّا فلا حقّ لك
هذه هي الدّنيا وما فيها جلا
لكنّني سأظلّ أحمل أمّة
لو بان في أحشائها نور علا
يوما سيكسر قيد هذي الأوراق
ويعانق الإنسان حرّا مؤملا
ولكنّني أنا جواز للشهود
أطوي الدّنيا ولا أعرف من علا
قدرتي في يد من صنع القوانين
والورق يحكم بمن يتمكّن مغلاّ ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق