"من مذكرات أستاذ جامعي"
"ومازلتُ في حلم ليلة صيف ودخول القبر"
تعودت في كل مرة يوفقني الله سبحانه وتعالى وأتشرف فيها بالحج أو العمرة، أن أغسل إحرامتي وأنا في مكة المكرمة بيدي وبماء زمزم وأحتفظ بها في خزانة ملابسي في القاهرة وفي الأسكندرية وأيضاً إشتريت لي أكفان ومواد الغسل حتى إذا طلب المغسل شيء وجده، وأوصيت من حولي بأن أكفن بها متى كانت نهايتي في القاهرة أو في الأسكندرية، وطلبت الباقي من هذه الأكفان يوضع في المسجد لوجه الله، فلعل ألله ينظر للباس الذي حضرت به لبيته الحرام فيغفر لي، ووضعت قنينة بها ماء زمزم وطلبت أن يكون آخر غسل لي بهذه المياة المباركة، ومع الأكفان والمياة وضعت جزء من المال ثمن عربة نقلي لمثواي الأخير وما تبقى منه ينفق في سبيل الله وأطلب ممن حولي إذا أتي أمر الله لي وأنا في الأسكندرية أكفن وأنقل لأدفن في مقبرة العائلة في القاهرة، وليلة من ليالي هذا الصيف شديد الحرارة كنت في الأسكندرية كعادتي في كل عام، وكان حلمي أنني قد حان أجلي ودخلتُ قبري، وأول ما تذكرته شعر علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجه كان يقول :
وَاللَهِ لَو عاشَ الفَتى مِن دَهرِهِ. أَلفاً مِنَ الأَعوامِ مالِكَ أَمرِهِ
مُتَلَذِّذاً فيهِ بِكُلِّ هَنِيَّةٍ. وَمُبَلَّغاً كُلَّ المُنى مِن دَهرِهِ
لا يَعرِفُ الآلامَ فيها مَرَّةً. كَلّا وَلا جَرَتِ الهُمومُ بِفِكرِهِ
ما كانَ ذَاكَ يُفيدُهُ مِن عُظمِ ما. يَلقى بِأَوَّلِ لَيلَةٍ في قَبرِهِ
♠ ♠ ♠ ا.د/ محمد موسى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق