السبت، 3 مايو 2025

غرابة في زمن غريب ...بقلم الكاتب د.محمد موسى

 ♠ ♠ ♠ ♠  القصة القصيرة  ♠ ♠ ♠ ♠


♠ ♠ ♠غرابة في زمن غريب ♠ ♠ ♠


                تزوجت بعد معاناة سنوات من الخطبة وعقد القرآن، بسبب ضيق ذات اليد رغم أنها كانت تعمل وقدمت كل ما يمكن أن تقدمه لمن أحبه قلبها، وفي النهاية تزوجت في بيت متواضع جعلته له جنه، وأنجبت له أربعة أبناء ثلاث أولاد وبنتاً واحدة، ورغم عمله في النهار والليل فإن حاجة البيت والأولاد كانت أكبر من دخله ودخل زوجته، فقرر الأب السفر حتى يوفر لأولاده حياة مريحة، وظل سنوات يسافر ويأتي في أجازة، وقامت الأم بحمل المسئولية في التربية والعناية بالأولاد في غياب الأب بلا شكوى منها، وعاد الأب إلى بلده عندما أدرك أن سنوات العمر تمضي أسرع مما حسب لها، وأول ما فكر فيه تأمين حياة الأولاد فقام ببناء بيتاً بكل مدخراته ليتسع له وأبنائه، وقام ببناء شقة لكل منهم حتى إذا حان موعد زواجهم وجد الأمور ميسره له، وليست كما كانت معه هو عند زواجه، وسكن هو وزوجته رفيقة مشوار الحياة في الدور الأول من البيت، وفي كل دور بالبيت أحد الأبناء، إلا أن الإبن الأصغر وبعد أن تخرج من الجامعة وقبل أن يبدأ مشوار العمل حضر للبيت ومعه زميلة له من الجامعه، وقال لوالدية سوف أتزوج زميلتي هذه، فقال له والده ولكنك لم تعمل بعد، وكان يجب عليك مراعاة الأصول، ونقوم بعد أن تستقر أوضاعك بالزيارة إلى من تريد الإرتباط بها، والتعرف على أهلها وبيتها، هذه هي الأصول يا إبني، فكيف تتزوج وأنت بلا عمل، وهل فكرت قبل أن تأتي بها من سوف ينفق عليكما بعد الزواج، وهل رجولتك تسمح لك أن أنفق على بيتك بعد أن أصبحت رجلاً، ولكنه قال لقد إتفقت معها وجئت بها لتتعرف عليكما، وتدخل الأخ الأكبر وأستطاع توفير عمل لأخوه في الشركة التي يعمل بها، وتوسط لتهدئة الأمور وتم زواج الإبن الأصغر فعلاً، والذي كان مسكنه فوق شقة الأم والأب مباشرةً، وظل هذا الأمر في عقل زوجة الإبن ولم تنسى هذه العروسة هذا الموقف للوالدين، ولما تزوجها ظلت تذكره بموقف أبويه وأنهما لا يحبونها كما يُحبا زوجات الأبناء الأخرين، والغريب أن بكثرة كلامها هذا له قد منعته زوجته من زيارتهما كل يوم كما يفعل الأخرين، ثم أصبحت الزيارة أسبوعيةً، ثم شهرية، ثم في المواسم والأعياد، علماً أنهما في الشقة أسفل منهما، وقد سبق وخطط الأب أن يسكن وأمهما في الدور الأرضي، لكي يمر الأبناء على الوالدين كل يوم، وفي مرة قالت الأم للإبن الأكبر أن أخوك الأصغر قد وحشني، فقال لها سوف يأتي لك الليلة، وسأل عنه حارس العقار فأخبره أنه لم يحضر بعد، فنتظره في الشارع حتى حضر، وطلب منه أن يصعد معه لأمه وأبوه، فقال له ليس اليوم فأنا متعب، فأقسم عليه أن يأتي معه ولكنه قال غداً سوف أأتي لهما، ولما صعد الإبن الأكبر ليعتذر عن عدم حضور الإبن الأصغر اليوم، كان الأب والأم يتحاوران ، فقال الأب: سوف أتركك معه لتشبعي منه حباً، وأدخل أنا غرفتي وكأنني زعلان ثم أخرج

وأأخذه بالأحضان وأمطره بالقبلات، ورن جرس الباب فجرى الأب لغرفته كما إتفق مع الأم، ولكن الطارق كان الإبن الأكبر ليقول لأمه سوف يأتي غداً، ولم يتمالك نفسه وخرج وأغلق خلفه الباب، فدخلت الأم غرفة الأب منكسره وصعدت على السرير، وطلبت منه شربة ماء والدموع في عيناها، فذهب الأب ليحضر كوب الماء لها، ولما دخل عليها كانت بلا حراك وتنظر لأعلى فقد فارقت الحياة والدموع على خديها،  فإذا بالأب يبكي ويقول أهذا هو الجزاء وثمن التربية والعناء وجلس بجوارها يبكي عمره وعمرها.


♠ ♠ ♠ ا.د/ محمد موسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كل يوم ....بقلم الشاعر عدنان درهم

 كل يومٍ جرائم مآسي أخرى جديدة مجازرٌ فظيعةٌ مروعة  ..رغم الجوع و الإبادة و عمق الجرح  والأسى و الألم مازال الصمت يخيم جميعهم استيقظوا  إلا ...