ابنةُ الشهيد
ــــــــــــــــــــــ
على الرصيفِ،
صندوقٌ صغير،
حلوى قليلة،
ريحٌ تعصفُ،
ليلٌ طويل.
كان هنا،
بندقيتُه في يده،
رايتُه على كتفه،
يحملُ الوطنَ في صدره،
ويحملُ صورتَها في قلبه.
صرخاتُ المعركة،
بارودٌ ونار،
وآخرُ ما همس:
"لا تنحني..."
ثمَّ نامَ شهيدًا.
مرتِ الأعوام،
كبرتْ وحيدة،
حلمتْ ببيت،
بمقعدِ دراسة،
بمعطفٍ جديد.
تمرُّ سيارة،
زجاجٌ داكن،
يدٌ ناعمة،
عينٌ لا تراهَا،
ولا ترى أباها.
على الشاشة،
وجهُ السياسي،
حديثٌ طويل،
"وطنٌ مزدهر!"
عدالةٌ تسود!
تنظرُ حولها،
رصيفٌ مكسور،
طفلٌ يتسوّل،
أمٌّ تنوح.
تشدُّ قبضتها،
أينَ العدل؟
أينَ الوعد؟
أينَ أبي؟
يقتربُ شرطي،
"يمنعُ البيع!"
يُبعدُ الصندوق،
تمضي وحيدة.
في المساءِ،
تمشي ببطء،
تمرُّ بجدار،
عليه اسمُه،
شهادةُ فخر.
تلمسُ الحروف،
تسمعُ صوته،
"لا تنحني..."
تُغمضُ عينيها،
تتمتمُ بالدعاء،
"يا رب، أبي حلمَ بوطنٍ،
يحميني، ينصفني،
يكونُ كرامتي."
يقتربُ رجل،
صوتُه دافئ،
"ابنةُ البطل؟"
يمنحُها كتابًا،
بطاقةَ دراسة،
ومقعدًا صغيرًا.
تُحدّقُ بدهشة،
أهناك من يسمع؟
أهناك من يرى؟
في الصباح،
لا صندوق،
لا بيع،
خطواتٌ ثابتة،
تجلسُ وحيدة،
لكنها تعلمُ،
أن أباها هنا،
يراقبُ من بعيد،
مبتسمًا.
أحمد محمد الطيب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق