من مذكرات أستاذ جامعي"
"حوار مع صديقي الأمريكي"
كان صديقي هذا أستاذ إقتصاد في جامعة هارفارد المواجة للجامعة التي كنت أدرس بها وهي جامعة بوسطن ، وكنت قد تعرفت عليه عن طريق السيدة زوجته مديرة مكتب العلاقات الدولية التابع للأمم المتحدة ، وكان يزورني في بيتي الأنيق والذي يطل على نهر ألبرت ، وكنا نجلس وراء نافذتي الزجاحية ، حيث داخل بيتى التدفئة المركزية وفي الخارج النهر قد تجمد والثلوج تتساقط ، كان صديقي هذا يريد مني أن أتحدث معه عن الإسلام فهو حديث العهد بدخول في ملة الإسلام ، وكانت السيدة زوجته مسيحية كاثوليكية وكان في كل زيارة لي يسألني عن هذا الدين ، كنت أقول له في كل مرة ، سأرد عليك بما أعتقده أنا عن ديني ، ويمكنك أن تقرأ عنه في كتب الآخرين فقد ترى فيه غير ما أنا أرى ، إلا أن جميع الكتب وكل الأراء تدور داخل إطار واحد ، وهو أن خالق هذا الكون إلهٌ واحد ، لم يلد ولم يُولد ، وكل الأنبياء والمرسلين من آدم الذي نزل من جنة التجربة بالتوحيد موحدون ومسلمين "إن الدين عند الله الإسلام" ، وكل رسل الله الذين أٌنزل عليهم كُتب السماء من توراة إلى إنجيل إلى قرآن ، أي موسى وعيسى ومحمد عليهم جميعاً الصلاة والسلام ، فهم لذات القول يقولون ، "وأعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحسانا" ، والإسلام دين الله سهل حتى يستوعبه كل الخلق ، اساسه الوحدانية والإيمان بالبعث والحساب ، حتى أن في الإسلام الحنفيلة والمالكية والشافعية والحنابلة ، كلٌ يرى في الإسلام رؤية لا تخرج عن هذا الإطار الواحد ، ففي الإسلام حديث رسول الله ﷺ بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله ، وإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن إستطاع إليه سبيلا ، ورغم هذا فليست هذه الخمس هي الإسلام كله بل هي أعمدة أقيم عليها بناء الإسلام الضخم ، وهي في العلوم الشرعية تعرف بالعبادات ، ولكن الإسلام ليس عبادات فقط ، فقد بني على هذه العبادات ما لا يقل أهمية عنها وهي المعاملات ، فمثلاً ما قيمة صلاة مصلي ولا تنهاه صلاته عن الفحشاء والمنكر ، وما قيمة صيام صائم لا يترك قول الزور والعمل به ، وهكذا فالعبادات إن لم تنعكس على المعاملات في المجتمع ففاعلها لم يفهم مقصود الإسلام ، وهي أركان الإسلام ولكنها ليست أركان المسلم ، فقد يكون المسلم مريضاً فلا يصوم أو فقيراً فلا يزكي ولا يحج ، ولكن لابد أن تنعكس الأركان الخمسة منه في معاملاته مع خلق الله ، بلا تميز بين الخلق في من هو على ملته أو على ملة مختلفة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق