. ♠ ♠ ♠ ♠ القِصَّةُ القَصِيرَةَ ♠ ♠ ♠ ♠.
♠ ♠ ♠العقل والحب الأول♠ ♠ ♠
♠ ♠ دَخَلَا الجَامِعَةَ مَعًا هِيَ مِنْ أُسْرَةٍ غَنِيَّةٍ وتُسْكِنُ فيلا بمِصْرَ الجَدِيدَةَ ، وَتَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ إلِى الجَامِعَةَ بِسَيَّارَةِ أَبِيهَا ، أَمْ هُوَ فَيَسْكُنُ فِي الجِيزَةِ فِي غُرْفَةٍ وَصَالَةٍ بِلَا أَبٍ وَلَا أَمْ ةيُنْفِقُ علية عَمَّهُ مُنْذُ تُوُفِّيَ أَبُوهُ وَبُعْدُهُ بِقَلِيلِ أُمِّهِ ، لِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ أَمَامَهِ إِلَّا التَّفَوُّقُ حَتَّى يَتَمَتَّعَ بِمِنْحَةِ تَفَوُّقٍ تُخَفَّفُ المَصَارِيفُ عَلَى عَمِّهِ الَّذِي وَعَدَهُ أَنَّهُ لَنْ يُقَصِّرَ مَعَهُ ، حَتَّى يَنْتَهِيَ مِنْ دِرَاسَتِهِ حَسَبَ قُدْرَتِهِ ، حَيْثُ كَانَ للعم بِنْتًا وَحِيدَةً أَرَادَ أَنْ يُعِدَّهُ لِيَكُونَ عَرِيسًاً لِاِبْنَتِهِ ، وَكَانَ فِي الصَّيْفِ يَعْمَلُ فِي سُوبِرْمَارَكَّتْ بِالقُرْبِ مِنْ مَنْزِلِهِ فِي الجِيزَةِ ، وَمَعَ كُلِّ هَذِهِ الظُّرُوفِ وَجِدِّ نَفْسُهُ يَنْجَذِبُ إِلَيْهَا ، وَأَحَسَّتْ هِيَ بِمَشَاعِرِهِ فَقَدْ عُرْفٌ فِي الدَّفْعَةِ أَنَّهُ الأَوَّلُ دَائِمًا ، وَاِنْتَهَتْ أَيَّامُ الدِّرَاسَةِ وَهُوَ الأَوَّلُ وَلَمْ يُصَارِحْهَا بِمَشَاعِرِهُ نَحْوُهَا ، وَهِيَ كَانَتْ تَكَادُ تَشْعُرُ بِمَا هُوَ يَكْتُمُهُ فِي نَفْسِهُ ، فَدَاخِلَ الأُنْثَى حَسَّاسٌ "سنسور" يَشْعُرُها بِمَنْ حولها ومشاهره لها خصوصاً الحب ، وَكَذَلِكَ يُشْعِرُ هَذَا الحَسَّاسُ بِالعَكْسِ إِلَّا أَنَّ الفَارِقَ بَيْنَهِمَا كَانَ العَائِقَ عِنْدَهِ لِلاِعْتِرَافِ بِحُبِّهِ ، وبعد النجاح والتخرج وعَيْنٍ هُوَ فِي الجَامِعَةِ ، وَالغَرِيبِ أَنَّهَا عَمِلَتْ فِي إِدَارَةِ الجَامِعَةِ بَعْدَ وَاسِطَةٍ مَنْ الأَبُ ، وَفِي يَوْمٍ مِنْ الأَيَّامِ دَخَلَتْ عَلَيْهِ مَكْتَبَهُ لِتُعْطِيَهُ دَعْوَةٌ لِعَقْدٍ قِرَانَهَا وَزِفَافَهَا فِي أَكْبَرَ فَنَدُقُّ فِي الهَرَمِ يُطِلُّ عَلَى الأهرمات ، وَحَضَرَ وَفِي دَاخِلِهِ شُعُورٌ بِالهَزِيمَةِ نَتِيجَةَ لحالة الفَقْرِ التي عاش بها ، وَرَأَى أَوَّلَ مَنْ دَقَّ قَلْبَهُ لَهَا بِالحُبِّ تَزُفُّ إِلَى مَنْ هُوَ مُنَاسِبٌ لَهَا ، وَاِنْتَهَى الفَرَحُ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ لَهَا هَدِيَّةً مِنْ الفِضَّةِ ، وَكَانَ القَدْرُ بِهِ رَحِيمًا فَقَدْ سَافَرَ فِي بَعْثَةٍ إِلَيَّ الخَارِجُ لِلحُصُولِ عَلَى المَاجِسْتِيرِ ، وَاِنْشَغَلَ لِمُدَّةٍ ٤ سَنَوَاتٍ وَحَصَلَ بِتَفَوُّقٍ عَلَى المَاجِسْتِيرِ وَعَادٍ إِلَى مصِرْ مَحْمَلًا بِالتَّفَوُّقِ وَفِي يَوْمِ ذَهَبٍ إِلَى إِدَارَةِ الجَامِعَةِ لِاِسْتِكْمَالِ بَعْضِ الأَوْرَاقِ فَوَجْدٍ مَنْ كَانَتْ سَبَبًا فِي دُقَّ قَلْبُهُ لِلحُبِّ لأَوَّلَ مَرَّةٍ ، وَلَكِنَّهَا بِشَكْلٍ مُغَايِرٍ كَانَتْ تَرْتَدِي السَّوَادَ وَعَلَامَاتِ الحُزْنِ تُظْهَرُ بِوُضُوحٍ عَلَيْهَا ، فلما سَأَلَهَا عَنْ أَحْوَالِهَا أَخْبَرَتْهُ أَنْ زَوَّجَهَا توفاه اللهُ ، وَلَهَا مِنْهُ طِفْلَانِ وَفَجْأَةً تَحَرُّكُ قَلْبِهِ مَرَّةً أُخْرَى لَهَا ، وَأَخَذَ مِنْهَا رَقْمٌ تِلِيفُونَهَا وَأَعْطَاهَا رَقْمَهُ وَعَرَضَ عَلَيْهَا أَيُّ خِدْمَاتٍ وَاِفْتَرَقَا ، وَفِي يَوْمٍ بَيْنَمَا هُوَ خَارِجَ مِنْ الجَامِعَةِ وَجَدَهَا وَفِي يَدِهَا طِفْلَانِ فِي مُنْتَهَى الجَمَالِ ، اِقْتَرَبَ مِنْهَا وَعَرَفَ أَنَّهُمَا ثَمَرَةُ حُبِّهَا مِنْ زَوْجِهَا الَّذِي توفاه اللهُ ، فدَعَاهَا وَالأَبْنَاءُ إِلَيَّ نَادِي الجَامِعَةُ القَرِيبُ ، لِبَعْضِ الوَقْتِ والَّذِي ومَرَّ بَيْنَهُمْ . سَرِيعًا وَتَمَنَّى تَكْرَارٌ هَذَا ، وَفِعْلًا تَكَرَّرَ اللِّقَاءُ حَتَّى اِقْتَرَبَ مَنْ الطِّفْلَانِ بِحَنَانٍ يُجْذَبُ الأَطْفَالُ إليه ، وَتَشَجَّعَ وَطَلَبَ مِنْهَا الزَّوَاجَ وَأَوْلَادُهَا أَوْلَادُهُ ، فأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَوْفَ تَظْلِمُهُ فَقَلْبُهَا مَعَ مَنْ مَاتَ ، وَلَنْ يَجِدَ مِنْهَا السَّعَادَةَ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا الزَّوْجُ مِنْ زَوْجَتِهِ وَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ سَبَبَ وَفَاةِ الزَّوْجِ أَنَّهُمَا اِنْقَلَبَتْ بِهِمَا سَيَّارَتُهُ بَعْدَ اِنْفِجَارِ إِطَارِ السَّيَّارَةِ الأَمَامِيِّ ، وَمَاتَ الزَّوْجُ فَوْرًا وففدت هِيَ جَنَيْنَهَا وَمَعَهِ رَحِمُهَا ، لِذَلِكَ فَهِيَ لَنْ تُنْجِبَ أَبَدًا وَاِفْتَرَقَا وَفَكَّرَ هُوَ كَثِيرًا وَقَالَ فِي نَفْسِهُ لَنْ أُضِيعَ حُبٌّ عُمْرِيٌّ مَهْمَا كَانَ ، وَعَادَ إِلَيَّ بَلْدَتَهُ لِيُخْبِرَ عَمَّهُ بِأَنَّهُ قَدْ قَرَّرَ الزَّوَاجَ فَرِحَ عَمُّهُ وَأَخْبَرَهُ أَنَّ عَرُوسَهُ تَنْتَظِرُهُ وَهِيَ لَيْسَتْ غَرِيبَةً بَلْ هِيَ بِنْتُ العَمِّ ، تَذَكَّرْ أَنَّ لِعَمِّهِ الفَضْلُ بَعْدَ اللهِ فِيمَا هُوَ وَصِلْ إِلَيْهِ لِذَلِكَ لَمْ يَتَكَلَّمْ مَعَهُ فِي مَآ هُوَ جَاءٍ إِلَيْهِ لِيُخْبِرَهُ بِهِ ، وقَالَ فِي نَفْسِهُ كَيْفَ أَقُولُ لَهُ تَعَالَى مَعَي لِتَخْطُبَ لِي ، وَأَنْتَ الَّذِي عَمِلْتُ عَلَى بِنَاءٍ مُسْتَقْبَلِيٍّ لِأَجِلَّ اِبْنَتَكَ ، وَمَا ذَنْبُ الاِبْنَةِ الَّتِي اِنْتَظَرَتْ سَنَوَاتٍ حَتَّى أَسْتَطِيعَ أَنْ أَكُونَ بَيْتٌ وَأُسْرَةٌ ، وهُنَا حَدَثُ صِرَاعٍ بَيِّنُ العُقُلِ وَالقَلْبُ ، كَانَ لِأَبَدٍ أَنْ يَنْتَصِرَ أَحَدُهُمَا وَوُجِدَ نَفَسٌه لِأَبَدٍ أَنْ يَدْفَعَ الثَمَنٌ ، وهُنَا اِنْتَصَرَ عَقْلُهُ وَطَلَبَ مِنْ عَمِّهِ عَمَلَ التَّجْهِيزَاتِ لِزِفَافِهِ إِلَيَّ اِبْنَتُهُ ، وَأَقْنَعَ نَفْسَهُ أَنَّ الحُبَّ سَيَأْتِي بِالعَشَرَةُ ، أَمَّا حَبّهُ الَّذِي سُبَقٌ فَيَبْدُو أَنَّهُ نَوْعًا مِنْ الرَّفَاهِيَةِ الَّتِي لَا تُصْلِحُ إِلَّا لِلأَغْنِيَاءِ ، وَطَلَبَ مِنْ عَمِّهِ أَنْ يَكُونَ الفَرَحُ فِي القَاهِرَةِ حَتَّى لَا يَحْمِلُ زُمَلَائِهُ مَشَقَّةُ السَّفَرِ إِلَيَّ سوهاج ، وَتَمَّ مَا أَرَادَ وَالمُدْهِشُ أَنَّهُ دَعَاهَا وَلَكِنَّهَا لَمْ تَأْتِي ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ إِعَادَةَ مَشْهَدٍ مَضَى عَلَيْهِ سَنَوَاتٌ مَعَ تَغَيُّرِ مَوَاقِعِ أَبْطَالِهُ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق