الجمعة، 1 سبتمبر 2023

العقل و الحب الأول....بقلم الأديب د.محمد موسى


 . ♠ ♠ ♠ ♠ القِصَّةُ القَصِيرَةَ ♠ ♠ ♠ ♠.


 ♠ ♠ ♠العقل والحب الأول♠ ♠ ♠              


 ♠ ♠ دَخَلَا الجَامِعَةَ مَعًا هِيَ مِنْ أُسْرَةٍ غَنِيَّةٍ وتُسْكِنُ فيلا بمِصْرَ الجَدِيدَةَ ، وَتَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ إلِى الجَامِعَةَ بِسَيَّارَةِ أَبِيهَا ، أَمْ هُوَ فَيَسْكُنُ فِي الجِيزَةِ فِي غُرْفَةٍ وَصَالَةٍ بِلَا أَبٍ وَلَا أَمْ ةيُنْفِقُ علية عَمَّهُ مُنْذُ تُوُفِّيَ أَبُوهُ وَبُعْدُهُ بِقَلِيلِ أُمِّهِ ، لِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ أَمَامَهِ إِلَّا التَّفَوُّقُ حَتَّى يَتَمَتَّعَ بِمِنْحَةِ تَفَوُّقٍ تُخَفَّفُ المَصَارِيفُ عَلَى عَمِّهِ الَّذِي وَعَدَهُ أَنَّهُ لَنْ يُقَصِّرَ مَعَهُ ، حَتَّى يَنْتَهِيَ مِنْ دِرَاسَتِهِ حَسَبَ قُدْرَتِهِ ، حَيْثُ كَانَ للعم بِنْتًا وَحِيدَةً أَرَادَ أَنْ يُعِدَّهُ لِيَكُونَ عَرِيسًاً لِاِبْنَتِهِ ، وَكَانَ فِي الصَّيْفِ يَعْمَلُ فِي سُوبِرْمَارَكَّتْ بِالقُرْبِ مِنْ مَنْزِلِهِ فِي الجِيزَةِ ، وَمَعَ كُلِّ هَذِهِ الظُّرُوفِ وَجِدِّ نَفْسُهُ يَنْجَذِبُ إِلَيْهَا ، وَأَحَسَّتْ هِيَ بِمَشَاعِرِهِ فَقَدْ عُرْفٌ فِي الدَّفْعَةِ أَنَّهُ الأَوَّلُ دَائِمًا ، وَاِنْتَهَتْ أَيَّامُ الدِّرَاسَةِ وَهُوَ الأَوَّلُ وَلَمْ يُصَارِحْهَا بِمَشَاعِرِهُ نَحْوُهَا ، وَهِيَ كَانَتْ تَكَادُ تَشْعُرُ بِمَا هُوَ يَكْتُمُهُ فِي نَفْسِهُ ، فَدَاخِلَ الأُنْثَى حَسَّاسٌ "سنسور" يَشْعُرُها بِمَنْ حولها ومشاهره لها خصوصاً الحب ، وَكَذَلِكَ يُشْعِرُ هَذَا الحَسَّاسُ بِالعَكْسِ إِلَّا أَنَّ الفَارِقَ بَيْنَهِمَا كَانَ العَائِقَ عِنْدَهِ لِلاِعْتِرَافِ بِحُبِّهِ ، وبعد النجاح والتخرج وعَيْنٍ هُوَ فِي الجَامِعَةِ ، وَالغَرِيبِ أَنَّهَا عَمِلَتْ فِي إِدَارَةِ الجَامِعَةِ بَعْدَ وَاسِطَةٍ مَنْ  الأَبُ ، وَفِي يَوْمٍ مِنْ الأَيَّامِ دَخَلَتْ عَلَيْهِ مَكْتَبَهُ لِتُعْطِيَهُ دَعْوَةٌ لِعَقْدٍ قِرَانَهَا وَزِفَافَهَا فِي أَكْبَرَ فَنَدُقُّ فِي الهَرَمِ يُطِلُّ عَلَى الأهرمات ، وَحَضَرَ وَفِي دَاخِلِهِ شُعُورٌ بِالهَزِيمَةِ نَتِيجَةَ لحالة الفَقْرِ التي عاش بها ، وَرَأَى أَوَّلَ مَنْ دَقَّ قَلْبَهُ لَهَا بِالحُبِّ تَزُفُّ إِلَى مَنْ هُوَ مُنَاسِبٌ لَهَا ، وَاِنْتَهَى الفَرَحُ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ لَهَا هَدِيَّةً مِنْ الفِضَّةِ ، وَكَانَ القَدْرُ بِهِ رَحِيمًا فَقَدْ سَافَرَ فِي بَعْثَةٍ إِلَيَّ الخَارِجُ لِلحُصُولِ عَلَى المَاجِسْتِيرِ ،  وَاِنْشَغَلَ لِمُدَّةٍ ٤ سَنَوَاتٍ وَحَصَلَ بِتَفَوُّقٍ عَلَى المَاجِسْتِيرِ وَعَادٍ إِلَى مصِرْ مَحْمَلًا بِالتَّفَوُّقِ وَفِي يَوْمِ ذَهَبٍ إِلَى إِدَارَةِ الجَامِعَةِ لِاِسْتِكْمَالِ بَعْضِ الأَوْرَاقِ فَوَجْدٍ مَنْ كَانَتْ سَبَبًا فِي دُقَّ قَلْبُهُ لِلحُبِّ لأَوَّلَ مَرَّةٍ ، وَلَكِنَّهَا بِشَكْلٍ مُغَايِرٍ كَانَتْ تَرْتَدِي السَّوَادَ وَعَلَامَاتِ الحُزْنِ تُظْهَرُ بِوُضُوحٍ عَلَيْهَا ، فلما سَأَلَهَا عَنْ أَحْوَالِهَا أَخْبَرَتْهُ أَنْ زَوَّجَهَا توفاه اللهُ ، وَلَهَا مِنْهُ طِفْلَانِ وَفَجْأَةً تَحَرُّكُ قَلْبِهِ مَرَّةً أُخْرَى لَهَا ، وَأَخَذَ مِنْهَا رَقْمٌ تِلِيفُونَهَا وَأَعْطَاهَا رَقْمَهُ وَعَرَضَ عَلَيْهَا أَيُّ خِدْمَاتٍ وَاِفْتَرَقَا ، وَفِي يَوْمٍ بَيْنَمَا هُوَ خَارِجَ مِنْ الجَامِعَةِ وَجَدَهَا وَفِي يَدِهَا طِفْلَانِ فِي مُنْتَهَى الجَمَالِ ، اِقْتَرَبَ مِنْهَا وَعَرَفَ أَنَّهُمَا ثَمَرَةُ حُبِّهَا مِنْ زَوْجِهَا الَّذِي توفاه اللهُ ، فدَعَاهَا وَالأَبْنَاءُ إِلَيَّ نَادِي الجَامِعَةُ القَرِيبُ ، لِبَعْضِ الوَقْتِ والَّذِي ومَرَّ بَيْنَهُمْ . سَرِيعًا وَتَمَنَّى تَكْرَارٌ هَذَا ، وَفِعْلًا تَكَرَّرَ اللِّقَاءُ حَتَّى اِقْتَرَبَ مَنْ الطِّفْلَانِ بِحَنَانٍ يُجْذَبُ الأَطْفَالُ إليه ، وَتَشَجَّعَ وَطَلَبَ مِنْهَا الزَّوَاجَ وَأَوْلَادُهَا أَوْلَادُهُ ، فأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَوْفَ تَظْلِمُهُ فَقَلْبُهَا مَعَ مَنْ مَاتَ ، وَلَنْ يَجِدَ مِنْهَا السَّعَادَةَ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا الزَّوْجُ مِنْ زَوْجَتِهِ وَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ سَبَبَ وَفَاةِ الزَّوْجِ أَنَّهُمَا اِنْقَلَبَتْ بِهِمَا سَيَّارَتُهُ بَعْدَ اِنْفِجَارِ إِطَارِ السَّيَّارَةِ الأَمَامِيِّ ، وَمَاتَ الزَّوْجُ فَوْرًا وففدت هِيَ جَنَيْنَهَا وَمَعَهِ رَحِمُهَا ، لِذَلِكَ فَهِيَ لَنْ تُنْجِبَ أَبَدًا وَاِفْتَرَقَا وَفَكَّرَ هُوَ كَثِيرًا  وَقَالَ فِي نَفْسِهُ لَنْ أُضِيعَ حُبٌّ عُمْرِيٌّ مَهْمَا كَانَ ، وَعَادَ إِلَيَّ بَلْدَتَهُ لِيُخْبِرَ عَمَّهُ بِأَنَّهُ قَدْ قَرَّرَ الزَّوَاجَ فَرِحَ عَمُّهُ وَأَخْبَرَهُ أَنَّ عَرُوسَهُ تَنْتَظِرُهُ وَهِيَ لَيْسَتْ غَرِيبَةً بَلْ هِيَ بِنْتُ العَمِّ ، تَذَكَّرْ أَنَّ لِعَمِّهِ الفَضْلُ بَعْدَ اللهِ فِيمَا هُوَ وَصِلْ إِلَيْهِ لِذَلِكَ لَمْ يَتَكَلَّمْ مَعَهُ فِي مَآ هُوَ جَاءٍ إِلَيْهِ لِيُخْبِرَهُ بِهِ ، وقَالَ فِي نَفْسِهُ كَيْفَ أَقُولُ لَهُ تَعَالَى مَعَي لِتَخْطُبَ لِي ، وَأَنْتَ الَّذِي عَمِلْتُ عَلَى بِنَاءٍ مُسْتَقْبَلِيٍّ لِأَجِلَّ اِبْنَتَكَ ، وَمَا ذَنْبُ الاِبْنَةِ الَّتِي اِنْتَظَرَتْ سَنَوَاتٍ حَتَّى أَسْتَطِيعَ أَنْ أَكُونَ بَيْتٌ وَأُسْرَةٌ ، وهُنَا حَدَثُ صِرَاعٍ بَيِّنُ العُقُلِ وَالقَلْبُ ، كَانَ لِأَبَدٍ أَنْ يَنْتَصِرَ أَحَدُهُمَا وَوُجِدَ نَفَسٌه لِأَبَدٍ أَنْ يَدْفَعَ الثَمَنٌ ، وهُنَا اِنْتَصَرَ عَقْلُهُ وَطَلَبَ مِنْ عَمِّهِ عَمَلَ التَّجْهِيزَاتِ لِزِفَافِهِ إِلَيَّ اِبْنَتُهُ ، وَأَقْنَعَ نَفْسَهُ أَنَّ الحُبَّ سَيَأْتِي بِالعَشَرَةُ ، أَمَّا حَبّهُ الَّذِي سُبَقٌ فَيَبْدُو أَنَّهُ نَوْعًا مِنْ الرَّفَاهِيَةِ الَّتِي لَا تُصْلِحُ إِلَّا لِلأَغْنِيَاءِ ، وَطَلَبَ مِنْ عَمِّهِ أَنْ يَكُونَ الفَرَحُ فِي القَاهِرَةِ حَتَّى لَا يَحْمِلُ زُمَلَائِهُ مَشَقَّةُ السَّفَرِ إِلَيَّ سوهاج ، وَتَمَّ مَا أَرَادَ وَالمُدْهِشُ أَنَّهُ دَعَاهَا وَلَكِنَّهَا لَمْ تَأْتِي ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ إِعَادَةَ مَشْهَدٍ مَضَى عَلَيْهِ سَنَوَاتٌ مَعَ تَغَيُّرِ مَوَاقِعِ أَبْطَالِهُ.


 ♠ ♠ ♠ أَ. د/ مُحَمَّدٌ مُوسَى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حوار الجوازين ...بقلم الشاعر معز ماني

 حوار الجوازين ... أنا الأخضر المسجون في أصفادهم   أشكو الطّوابير الطّوال معطّلا كلّ الحدود تقيم سدّا مانعا  وتعيد صاحبي غريبا مثقلا وأنا ال...