من مذكرات أستاذ جامعي "
" ما معنى الموت "
في ذكرى رحيل أمي وأبي (رحمهما الله)، تعودت أن أرجع إلى مذكراتي وكلمات كنتُ قد كتبتها وعمري لم يزيد عن 18 سنه إلا بأيام، ومع غرابة ما كتبت فعمر عقلي وعلمي وتجاربي لم تكن كما أنا الأن، إلا أن سؤال كان هو الذي الزمني لسنوات حتى إستقر في عقلي وقلبي له جواب، كنت أكبر أخواتي وعددهم غيري ثلاثه، بعدي بنت ثم ولد ثم بنت، وأنا حقيقة كنت أمثل عليهم دور الكبير فهم إما أطفال أو أختي الأكبر *أمي الثانية* قد تجاوزت سن الطفوله بأيام، فكنت أدخل غرفتي وأبكي حتى لا يراني أحد، وظل سؤال يلازمني من يوم لمست قدماي مطار القاهرة عندما أُخبرت من ساعات بوفاة أمي وأبي، وعدت من فرنسا حيث كنت أدرس الطب هناك، وكنتُ قد أخبرتهم الا يتم دفن أبي وأمي حتى أأتي أنا، كنتُ أريد رؤيتهما لأخر مرة قبل أن أُحرم من رؤيتهما إلى الأبد، وحدث وكنت أريد أن أقطع على نفسي عهد أمامهما قبل أن يواري التراب جسديهما وأيضاً حدث، وأحمد الله أنني قد وفيت بكل كلمة ووعد قطعتهما عليَ، والأن أقرأ سابق كلماتي التي كتبتها ليلة النوم في البيت لأول مرة بلا أبٍ ولا أم، كنت أسأل أين ذهبت أمي وأين ذهب أبي، وما معنى الموت الذي هو مفرق الأحباب في وقت هو غير مناسب من وجهة نظر مثل سني، ولكن الأن بعقلي أدركت بعض من حكمة الله سبحانه وتعالى التي لا يمكن أن يحيط بها عقل بشر، أقول هذا لكل من فقد المعين في دنياه، أن الله سبحانه وتعالى يقول لك بالموت أنا موجود، فأنا رب الوجود أفعل بعلمي الغير محدود وأحقق للخلق بقدرتي وحكمتي المعقول والغير معقول، كنت قد قرأت عشرات الكتب عن الموت باللغه العربية واللغات التي أنا أجيدها، وكنت مع صغر سني أسأل أين الموت هذا وأين يعيش ويسكن ومن أي جنسية هو، ولماذا يأتي ويقبض الأرواح متخفياً وبدون إنذار، ولماذا يأخذ أصحاء ويترك مرضى والموت لهم راحة ورحمة، ولماذا يترك شيوخاً بلغ العمر بهم مبلغه، ويذهب لصغار لم يتذوقوا بعد طعم المتعة في الحياة، ولماذا لا يأتي لمن يطلبه ويتمناه ويذهب لمن يرفضه ويهرب منه، أسئلة كثيرة كنت قد كتبتها صغيراً في مذكراتي وأستغفرت الله العظيم سبحانه وتعالى عما
كتبته وأنا كبيراً، فإن كان صغر سني وقلة ثقافتي وعلمي قد تعطي تبريراً لأسئلة هي أقول عنها الأن ساذجة، فإن النضوج سناً وثقافةً وعلماً يدفع للإستغفار عندما يحاول العقل القاصر الدخول في تقدير خالق الكون، والذي يعلم ما كان وما يكون وما سيكون لو كان كيف كان يكون، وهنا يدرك العقل مدى قصوره فيلتزم الأدب أمام قدر الله، ويقول عندما لم يدرك العقل حكمة القدير سبحانه وتعالى "قدر الله وما شاء فعل وسبحان المعين وبه العاقل يستعين".
♠ ♠ ♠ ا.د/ محمد موسى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق