الجمعة، 29 نوفمبر 2024

مشاعر راسخة ...بقلم الكاتب د.محمد موسى

 ♠ ♠ ♠ ♠ القصة القصيرة ♠ ♠ ♠ ♠


       ♠ ♠♠مشاعر راسخة كالأهرامات♠ ♠ ♠  


    ♠♠ فجأة أغلقت بيتها عليها، لتكتشف لأول مرة أنها أصبحت وحيدة وبعد 36 سنة رفقة، هي وحيدة بعد أن رحل شريك حياتها الذي عرفت معه لأول مرة الشوق للحبيب وإنتظار الرفيق، والذي عَرفها على أنُوثتها التي كانت تخشى الإقتراب منها قبل زواجها فهكذا تربت على منطق العيب والحرام، وأول شئ فعلته بعد أن أغلقت عليها البيت أن أسرعت الي صورته المعلقة، وتزين المكان وقفت أمامها وأخذت تتذكر أول يومٍ دخل بيت أبيها يطلبها للزواج، كانت لا تعرفه ولكنها لما رأته دق في صدرها قلبها بسرعة خائفة أو عاشقة أو حتى متلهفه، كان عمرها قد تعدى الثلاثين بأربعة سنوات، ولم تتزوج بل ولم تدخل دنيا العشاق بعد، كانت تعرف عن الحب كما يعرف الجائع الفقير عن الجميل من الطعام، وفجأة وجدت نفسها أمام رجل ذات شكل ومركز إجتماعي رائع، مثقف ومرتب في ثيابه وألوانه وعمره يقترب من عمرها وقد تكبره هي بشهور، لم يستغرق الأمر إلا أياماً وزُفت اليه، كان أول شيء فعله معها يوم أن دخلت بيته عروس، هو أن يصليا معاً لله شكراً وطلباً للبركة لهذا الزواج، وبعد الصلاة جلسا معاً ولم يبدلا ثيابهما بعد، ودار هذا الحوار منه لها قال: نحن لم نمر بمرحلة حب وخطوبه كما نسمع في العادة، لذلك لابد من الإتفاق على ثوابت في بداية حياتنا، فالزواج بيننا هو شركة ولكل منا له 50% من أسهمها، ولكن حق الإدارة لي أنا وحدي، أي في القرارات المصيرية لحياتنا نتناقش بهدوء ولكن في النهاية يكون القرار لي أنا، إتفقا معاً بعد أن رأت هي أن حياتها تبدأ الأن مع رجل ليست من مفردات لغته الظلم، إبتسمت له وبدأت حياتهما  حقق لها ما تتمناه كل أنثى وأصبحت أماً، وعاشت معه حياة مثل حياة كل الأسر المصرية بل وكل الأسر العربية، وكبر الأبناء وتزوجا بعد أن تعلما أحسن تعليم وتقلد كل منهما مركزاً إجتماعياً مرموقاً، وأنجبا وتعلما من أبيهما أن الظلم ظلمات، والكريم هو من يكرم زوجته، وكانت سعادته عندما يأتيا بأبنائهما كل أسبوع ليقضيا اليوم هما وزوجاتهما مع الأبوين، ومضت الأيام ومرض الزوج فجمع أبناءه وأوصاهما على زوجته أمهما وأن يأخذها الإبن الأكبر لتعيش معه في فيلته، والتى إشتراها له الأب ليتزوج فيها كما إشترى للإبن الأصغر أيضاً فيلا وتزوج فيها، حتى يتساويان وطلب منهما بعد أن يرحل أن يظل البيت مفتوح، وإذا أرادت الأم العودة الي البيت لا تترك وحدها، بل يأتي أحدهما وأولاده وزوجته ليظلوا معها طالمة هي تريد البقاء في بيتها، ورحل بلا ضجيج كما عاش معها بلا ضجيج، وترك لهما ثروة بعد أن عاشوا في بحبوحة، وفجأة بكت عندما كانت تتذكر حيث كان في السرير وقليل الحركة، ، وتقول له أنا وحدي لماذا لا تأتي معي الي النادي فهناك الرجال في نفس سنك مع زوجاتهم، ويعتذر لها ويقول سعادتي أن أظل في السرير، فتغضب في نفسها بدون أن تظهر له غضبها، وتتصل بصديقة لها ويذهبا إلي النادي، وكانت تظن أن بعد رحيله ستكون أكثر حرية في الدخول والخروج، ولكن لا تعرف ما الذي حدث لها، رحل هو ورحلت معه كل ما يربطها بالحياة، أصبحت قليلة التحدث في التليفون بعد أن كان هو وسيلة إتصالها بالناس، حتى النادي لم تعد تشتاق الذهاب إليه كما كانت قبلاً، والأبناء يرجونها أن تأتي لتمكث مع أيهما ولو يومين إلا أنها كانت ترجوهما أن يتركونها وحدها، فإذا قال أحدهما لها هذه وصية بابا كانت تقول بابا معي في كل مكان في البيت هو يؤنس وحدتي، ولا أريد البعد عنه وعن أنفاسه التي تتردد في البيت، وظلت تقول لنفسها كم أنتَ وحشتني وأشتاق لصوتك، حتى إنني أشتاق لظلك، لو أعلم أن برحيلك سوف ترحل الدنيا عني لتمنيت منك ألا ترحل قبل رحيلي، ثم تستغفر الله وتواصل قراءة القرأن الكريم لتهب لروحه ما تقرأ، تنظر إلي كتبه ومؤلفاته في مكتبه بالبيت، وتجلس إلى مكتبه وتقول كم أنمتى وجودك الأن يا رجل كنت

حياة وطيب المعشر أسأل الله لك الجنه جزاءً لك، يا رجل قد عشت معك في جنه، وبينما هي كذلك دخلت عليها جارتها وهي مهمومة، سألتها لماذا يبدو عليكِ الهم، قالت لها: إبنتي أتصلت بي الأن وهي تبكي وتقول لي تعالي وأبي لكي أطلق من زوجي فأنا لا أحتمل العيش معه، سألتها منذ متى إبنتك متزوجة، قالت: منذ عشرة أشهر وهي حامل الأن، تعجبت من جيل أصبح الميثاق الغليظ بينهم هو أهون شيء عندهم. 

، 


♠ ♠ ♠ ا.د/ محمد موسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق