الجمعة، 30 أغسطس 2024

للكون خالق ....بقلم الكاتب د.محمد موسى

 ♠ ♠ ♠ القصة القصيرة ♠ ♠ ♠ ♠ 


♠ ♠ ♠للكون خالق يدبر كل أمر♠ ♠ ♠


♠ ♠  فجأة أُغلق عليهم باب البيت وحدهم، فقد مات الأب البائع المتجول والأم بمرض غريب جاء مع الأب من الشارع، كذلك مات حارس العمارة من التدخين بالمعسل وبذات المرض الغريب، وهم ولد عمره ١٤ سنه وثلاث بنات بأعمار ١٣ و١٢ و١١ سنه، وكلهم في المدارس، وبدون إضاعة الوقت قرر الأبن والبنت الأكبر أن يتفقان معاً حفاظاً على البيت، فكان أو قرار لهما أن يدخلان الإمتحانات من منازلهم، وتستمر البنتان الأصغر في المدرسة، وبعقل لا يملكه إلا الكبار، فكر الولد في أحد أمرين ليضمن دخلاً يعيشون منه، فإما أن يعمل عمل أبوه كبائع متجول، أو يطلب من صاحب العقار أن يحل محل حارس العقار الذي توفي أخيراً، وبذلك يضمن البقاء بجوار البنات، فدق جرس شقة صاحب العقار في الدور الثالث، وطلب منه أن يعمل حارس لهذه العقار ، على أن يخصم الأجرة الشهرية للشقة التي يسكن والبنات فيها، من الراتب الذي كان يتقاضى مثله الحارس السابق، ويقوم هو وأخته الأكبر بغسل السلم كل أسبوع، وبفضل من الله تحقق ما أراد، وكان يمر على شقق العمارة كل صباح، ليكتب طلباتهم من الخضار، وتقوم البنات بتنظيف الخضار، ثم تعبئته في أكياس ويوزع على السكان، وإذا سُئل عن السعر يقول الثمن من بائع الخضار كذا وهو صادق، ويزيد عليه السكان نظير التنظيف والإعداد القليل، وسعد السكان بهم وزاد عطفهم عليهم وعاشوا لا يحتاجون لأحد، وزاد من عبقرية هذا الصغير أنه كان يستأجر تأكسي بالسائق كل صباح ليجمع أبناء العمارة ويوزعهم على مدارسهم مع أخواته، ويأتي بهم بعد إنتهاء اليوم الدراسي، ويأخذ من أولياء أمورهم أقل مما كانوا يدفعونه لأتوبيس المدرسة، ومرت الأيام وحصل وأخته على الثانوية العامة منازل وأنتسبا إلى كلية الحقوق والآداب، ثم الصغيرتين حصلتا على الثانوية العامة والتحقيق بكلية الطب والهندسة، فسبحان مغير الأحوال ولا يتغير، وتخرجوا جميعاً الولد يعمل حارس عقار ومعه ليسانس حقوق، وتزوجت البنات الثلاثة وتركت الشقة للولد الذي

حولها إلى مكتب وبيت للنوم، بعد أن جاء بأحد المعارف ليعمل حارس للعقار، وهكذا تغير الحال من حارس عقار إلى محامي كبير، لم يفكر وهو صغير في نفسه، وفكر في البنات الثلاثة، وكان الله معه ووفقه وحقق بتوفيق الله ما قد يعجز على تحقيقه من هم يعشون في ظروف أفضل بكثير من ظروفه هو، وهكذا تحولت المحنة إلى منحة من الله، فهذا الكون له خالق يدبر أمره بقدرته ولكن أكثر الناس لا يعلمون، وتصبح كلمة الحمد لله على كل شيء يقدره خالق هذا الكون هي عنوان الحياة.


♠ ♠ ♠ ا.د/ محمد موسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق